إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
37352 مشاهدة
باب الخروج في طلب العلم


باب الخروج في طلب العلم.
ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد.
قال: حدثنا أبو القاسم خالد بن خلي قال:حدثنا محمد بن حرب قال: حدثنا الأوزاعي أخبرنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس أنه تمارى هو و الحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى فمر به أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر شأنه؟
فقال أبي: نعم. سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر شأنه يقول: بينما موسى في بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال: أتعلم أحدا أعلم منك؟ قال موسى لا. فأوحى الله -عز وجل- إلى موسى بلى. عبدنا خضر فسأل السبيل إلى لقيه فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان موسى -صلى الله عليه- يتبع أثر الحوت في البحر فقال فتى موسى لموسى: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ قال موسى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فوجدا خضرا فكان من شأنهما ما قص الله في كتابه .


هذه القصة ذكرها مختصرة، وفي هذا دليل على الرحلة في طلب العلم، فهذا نبي الله موسى أوحى الله إليه وأنزل عليه التوراة فيها هدى ونور، وكذلك علمه وكلمه، ومع ذلك أحب التزود لما ذكر الله له أن خضرا الذي هو عبد من عباد الله أعلم منه سأل السبيل إليه وقال: ربي أريد أن ألقاه، فجعل الله تعالى له هذا الحوت وقال: إذا فقدت الحوت فإنك تجده، وهو في مجمع البحرين ؛ فكان يمشي والحوت معه في مكتل -أي في زنبيل-.
ولما بلغ مجمع البحرين انتفض الحوت وتحرك ودخل في البحر، وخرق البحر وصار طريقه يبسا، فاتخذ سبيله في البحر يبسا وكان لموسى وفتاه عجبا، يعني كيف أن هذا الحوت لما دخل في البحر صار الطريق الذي يمر عليه يابسا؛ بحيث إنه إذا تبعه وصل إلى مقصده؟! وهذه معجزة أيضا، كيف مضى في البحر حتى صار طريقه يبسا -طريق ذلك الحوت- ولما فقدا الحوت قال فتاه: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ نسيه في ذلك المكان فقال موسى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ هذا هو قصدنا فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فعند ذلك وجد الخضر وجد الخضر وفي القصة كلام طويل ذكره البخاري وغيره.